موقع يعنى باللغة العربية وآدابها

الرئيسة >> نثر العرب >> قيس بن زهير العبسي >> وصية قيس بن زهير العبسي لبني النمر بن قاسط
جاور قيسُ بنُ زهيرٍ العَبْسِيِّ بعد يومِ الهَبَاءَةَ النَّمِرَ بنَ قاسِطٍ، وتَزَوَّجَ مِنهم، وأقام فيهم حتى وُلِدَ له، فلمَّا أرادَ الرحيلَ عنهم قال :
يا معشرَ النَّمِرِ، إِنَّ لكم عَلَيَّ حقًّا، وأنا أريدُ أَنْ أَوصِيَكم، فآمُرُكم بِخِصالٍ، وأَنْهَاكم عن خِصَالٍ:
عليكم بالأناةِ؛ فإِنَّ بها تُدْرَكُ الحَاجَةُ، وتُنَالُ الفُرْصَةُ، وتَسْوِيدِ مَن لا تُعَابُونَ بِتَسْوِيدِهِ.
وعليكم بالوفاءِ؛ فإِنَّ به يَعِيشُ النَّاسُ، وبإعطاءِ مَن تُريدُونَ إِعطاءَهُ قَبْلَ المسالةِ، ومَنْعِ مَن تُرْيدُونَ مَنْعَهُ قبلَ الإلحاحِ، وإِجَارَةِ الجارِ على الدَّهرِ، وتَنْفِيسِ المَنَازِلِ عن بُيُوتِ اليَتَامَى، وخَلْطِ الضَّيفِ بالعِيالِ.
وأنهاكم عن الغدرِ؛ فإِنَّه عارُ الدَّهرِ، وعن الرِّهانِ؛ فإِنِّي به ثَكَلْتُ مالكًا أخي، وعن البَغْي؛ فإِنَّه قتلَ زُهيرًا أَبَي، وعن الإِعطاءِ في الفضولِ فَتَعْجَزُوا عن الحقوقِ، وعن السَّرَفِ في الدِّماءِ فإِنَّ يومَ الهَبَاءَةِ أَلْزَمَنِي العارَ، ومَنْعِ الحُرُمِ إِلاَّ مِن الأَكْفَاءِ؛ فإِنْ لم تُصِيبوا لَهُنَّ الأكفاءَ؛ فإِنَّ خيرَ مَنَاكِحِهِنَّ القبورُ -أو خيرُ منازلِها- واعْلَمُوا أَنِّي كنتُ ظالِمًا مظلومًا؛ ظَلَمَنِي بنو بَدْرٍ بِقَتْلِهم مالكًا أخي، وَظَلَمْتُهم بأَنْ قَتَلْتَ مَن لا ذَنْبَ له.

Twitter Facebook Whatsapp