الشنكبوتية :: https://www.toarab.ws

١ أَنا مَن بَدَّلَ بِالكُتبِ الصِحابا * لَم أَجِد لي وافِيًا إِلا الكِتابا
٢ صاحِبٌ إِنْ عِبتَهُ أَو لَم تَعِبْ * لَيسَ بِالواجِدِ لِلصاحِبِ عابا
٣ كُلَّما أَخلَقتُهُ جَدَّدَني * وَكَساني مِن حِلى الفَضلِ ثِيابا
٤ صُحبَةٌ لَم أَشكُ مِنها ريبَةً * وَوِدادٌ لَم يُكَلِّفني عِتابا
٥ رُبَّ لَيلٍ لَم نُقَصِّر فيهِ عَن * سَمَرٍ طالَ عَلى الصَمتِ وَطابا
٦ كانَ مِن هَمِّ نَهاري راحَتي * وَنَدامايَ وَنَقلِيَ وَالشَرابا
٧ إِن يَجِدني يَتَحَدَّث أَو يَجِد * مَلَلاً يَطوي الأَحاديثَ اقتِضابا
٨ تَجِدُ الكُتبَ عَلى النَقدِ كَما * تَجِدُ الإِخوانَ صِدقًا وَكِذابا
٩ فَتَخَيَّرها كَما تَختارُهُ * وَادَّخِر في الصَحبِ وَالكُتبِ اللُبابا
١٠ صالِحُ الإِخوانِ يَبغيكَ التُقى * وَرَشيدُ الكُتبِ يَبغيكَ الصَوابا
١١ غالِ بِالتاريخِ وَاِجعَل صُحفَهُ * مِن كِتابِ اللهِ في الإِجلالِ قابا
١٢ قَلِّبِ الإِنجيلَ وَانظُر في الهُدى * تَلقَ لِلتاريخِ وَزنًا وَحِسابا
١٣ رُبَّ مَن سافَرَ في أَسفارِهِ * بِلَيالي الدَهرِ وَالأَيّامِ آبا
١٤ وَاطلُبِ الخُلدَ وَرُمهُ مَنزِلاً * تَجِدِ الخُلدَ مِنَ التاريخِ بابا
١٥ عاشَ خَلقٌ وَمَضَوا ما نَقَصوا * رُقعَةَ الأَرضِ وَلا زادوا التُرابا
١٦ أَخَذَ التاريخُ مِمّا تَرَكوا * عَمَلاً أَحسَنَ أَو قَولاً أَصابا
١٧ وَمِنَ الإِحسانِ أَو مِن ضِدِّهِ * نَجَحَ الراغِبُ في الذِكرِ وَخابا
١٨ مَثَلُ القَومِ نَسوا تاريخَهُمْ * كَلَقيطٍ عَيَّ في الناسِ انتِسابا
١٩ أَو كَمَغلوبٍ عَلى ذاكِرَةٍ * يَشتَكي مِن صِلَةِ الماضي انقِضابا
٢٠ يا أَبا الحُفّاظِ قَد بَلَّغتَنا * طِلبَةً بَلَّغَكَ اللَهُ الرِغابا
٢١ لَكَ في الفَتحِ وَفي أَحداثِهِ * فَتَحَ اللهُ حَديثًا وَخِطابا
٢٢ مَن يُطالِعهُ وَيَستَأنِس بِهِ * يَجِدِ الجِدَّ وَلا يَعدَمْ دِعابا
٢٣ صُحُفٌ أَلَّفَتها في شِدَّةٍ * يَتَلاشى دونَها الفِكرُ انتِهابا
٢٤ لُغَةُ الكامِلِ في استِرسالِهِ * وَابنُ خَلدونَ إِذا صَحَّ وَصابا
٢٥ إِنَّ لِلفُصحى زِمامًا وَيَدًا * تَجنِبُ السَهلَ وَتَقتادُ الصَعابا
٢٦ لُغَةُ الذِكرِ لِسانُ المُجتَبى * كَيفَ تَعيا بِالمُنادينَ جَوابا
٢٧ كُلُّ عَصرٍ دارُها إِنْ صادَفَتْ * مَنزِلاً رَحبًا وَأَهلاً وَجَنابا
٢٨ اِئتِ بِالعُمرانِ رَوضًا يانِعًا * وَادعُها تَجرِ يَنابيعَ عِذابا
٢٩ لا تَجِئها بِالمَتاعِ المُقتَنى * سَرَقًا مِن كُلِّ قَومٍ وَنِهابا
٣٠ سَل بِها أَندَلُسًا هَل قَصَّرَت * دونَ مِضمارِ العُلا حينَ أَهابا
٣١ غُرِسَت في كُلِّ تُربٍ أَعجَمٍ * فَزَكَت أَصلاً كَما طابَت نِصابا
٣٢ وَمَشَت مِشيَتَها لَم تَرتَكِب * غَيرَ رِجلَيها وَلَم تَحجِل غُرابا
٣٣ إِنَّ عَصرًا قُمتَ تَجلوهُ لَنا * لَبِسَ الأَيّامَ دَجنًا وَضَبابا
٣٤ المَماليكُ تَمَشّى ظُلمُهُمْ * ظُلُماتٍ كَدُجى اللَيلِ حِجابا
٣٥ كُلُّهُمْ كافورُ أَو عَبدُ الخَنا * غَيرَ أَنَّ المُتَنَبّي عَنهُ خابا
٣٦ وَلِكُلٍّ شيعَةٌ مِن جِنسِهِ * إِنَّ لِلشَرِّ إِلى الشَرِّ انجِذابا
٣٧ ظُلُماتٌ لا تَرى في جُنحِها * غَيرَ هَذا الأَزهَرِ السَمحِ شِهابا
٣٨ زيدَتِ الأَخلاقُ فيهِ حائِطًا * فَاحتَمى فيها رِواقًا وَقِبابا
٣٩ وَتَرى الأَعزالَ مِن أَشياخِهِ * صَيَّروهُ بِسِلاحِ الحَقِّ غابا
٤٠ قَسَمًا لَولاهُ لَم يَبقَ بِها * رَجُلٌ يَقرَأُ أَو يَدري الكِتابا
٤١ حَفِظَ الدينَ مَلِيًّا وَمَضى * يُنقِذُ الدُنيا فَلَم يَملِك ذَهابا
٤٢ أوذِيَت هَيبَتُهُ مِن عَجزِهِ * وَقُصارى عاجِزٍ أَلا يُهابا
٤٣ لَم تُغادِر قَلَمًا في راحَةٍ * دَولَةٌ ما عَرَفَت إِلا الحِرابا
٤٤ أَقعَدَ اللَهُ الجَبرَتِيَّ لَها * قَلَمًا عَن غائِبِ الأَقلامِ نابا
٤٥ خَبَّأَ الشَيخُ لَها في رُدنِهِ * مِرقَمًا أَدهى مِنَ الصِلِّ انسِيابا
٤٦ مَلِكٌ لَم يُغضِ عَن سَيِّئَةٍ * يا لَهُ مِن مَلَكٍ يَهوى السِبابا
٤٧ لا يَراهُ الظُلمُ في كاهِلِهِ * وَهوَ يَكوي كاهِلَ الظُلمِ عِقابا
٤٨ صُحُفُ الشَيخِ وَيَومِيّاتُهُ * كَزَمانِ الشَيخِ سُقمًا وَاضطِرابا
٤٩ مِن حَواشٍ كَجَليدٍ لَم يَذُب * وَفُصولٍ تُشبِهُ التِبرَ المُذابا
٥٠ وَالجَبَرتِيُّ عَلى فِطنَتِهِ * مَرَّةً يَغبى وَحينًا يَتَغابى
٥١ مُنصِفٌ ما لَم يَرُض عاطِفَةً * أَو يُعالِجُ لِهَوى النَفسِ غِلابا
٥٢ وَإِذا الحَيُّ تَوَلّى بِالهَوى * سيرَةَ الحَيِّ بَغى فيها وَحابى
٥٣ وَقعَةُ الأَهرامِ جَلَّت مَوقِعًا * وَتَعالَت في المَغازي أَن تُرابا
٥٤ عِظَةُ الماضي وَمُلقى دَرسِهِ * لِعُقولٍ تَجعَلُ الماضي مَثابا
٥٥ مِن بَناتِ الدَهرِ إِلا أَنَّها * تَنشُرُ الدَهرَ وَتَطويهِ كَعابا
٥٦ وَمِنَ الأَيّامِ ما يَبقى وَإِن * أَمعَنَ الأَبطالُ في الدَهرِ احتِجابا
٥٧ هِيَ مِن أَيِّ سَبيلٍ جِئتَها * غايَةٌ في المَجدِ لا تَدنو طِلابا
٥٨ اُنظُرِ الشَرقَ تَجِدها صَرَّفَت * دَولَةَ الشَرقِ استِواءً وَانقِلابا
٥٩ جَلَبَت خَيرًا وَشَرًّا وَسَقَت * أُمَمًا في مَهدِهِم شُهدًا وَصابا
٦٠ في تصيبينَ لَبِسنا حُسنَها * وَعَلى التَلِّ لَبِسناها مَعابا
٦١ إِنَّ سِربًا زَحَفَ النَسرُ بِهِ * قَطَعَ الأَرضَ بِطاحًا وَهِضابا
٦٢ إِن تَرامَت بَلَدًا عِقبانُهُ * خَطَفَت تاجًا وَاصطادَت عُقابا
٦٣ شَهِدَ الجَيزِيُّ مِنهُم عُصبَةً * لَبِسوا الغارَ عَلى الغارِ اغتِصابا
٦٤ كَذِئابِ القَفرِ مِن طولِ الوَغى * وَاختِلافِ النَقعِ لَونًا وَإِهابا
٦٥ قادَهُمْ لِلفَتحِ في الأَرضِ فَتًى * لَو تَأَنّى حَظَّهُ قادَ الصَحابا
٦٦ غَرَّتِ الناسَ بِهِ نَكبَتُهُ * جَمَعَ الجُرحُ عَلى اللَيثِ الذُبابا
٦٧ بَرَزَت بِالمَنظَرِ الضاحي لَهُمْ * فَيلَقٌ كَالزَهرِ حُسنًا وَالتِهابا
٦٨ حُلِّيَ الفُرسانُ فيها جَوهَرًا * وَجَلالُ الخَيلِ دُرًّا وَذَهابا
٦٩ في سِلاحٍ كَحُلِيِّ الغيدِ ما * لَمَسَت طَعنًا وَلا مَسَّت ضِرابا
٧٠ طَرِحَت مِصرٌ فَكانَت مومِيا * بَينَ لِصَّينِ أَراداها جُذابا
٧١ نالَها الأَعرَضُ ظَفَرًا مِنهُما * مِن ذِئابِ الحَربِ وَالأَطوَلُ نابا
٧٢ وَبَنو الوادي رِجالاتُ الحِمى * وَقَفوا مِن ساقِهِ الجَيشَ ذُنابى
٧٣ مَوقِفَ العاجِزِ مِن حِلفِ الوَغى * يَحرُسُ الأَحمالَ أَو يَسقي مُصابا

بيانات القصيدة

ملحوظة

قالها بمناسبة تأليف كتاب فتح مصر الحديث لحافظ بك عوني

الصفحات

١ - الأبيات (١-١٤) في صفحة (١٧)،
٢ - الأبيات (١٥-٣٢) في صفحة (١٨)،
٣ - الأبيات (٣٣-٥١) في صفحة (١٩)،
٤ - الأبيات (٥٢-٦٨) في صفحة (٢٠)،
٥ - الأبيات (٦٩-٧٣) في صفحة (٢١)،

الرابط المختصر