الشنكبوتية :: https://www.toarab.ws

١ بِسَيفِكَ يَعلو الحَقُّ وَالحَقُّ أَغلَبُ * وَيُنصَرُ دينُ اللَهِ أَيّانَ تَضرِبُ
٢ وَما السَيفُ إِلّا آيَةُ المُلكِ في الوَرى * وَلا الأَمرُ إِلّا لِلَّذي يَتَغَلَّبُ
٣ فَأَدِّب بِهِ القَومَ الطُغاةَ فَإِنَّهُ * لَنِعمَ المَرَبي لِلطُغاةِ المُؤَدِّبُ
٤ وَداوِ بِهِ الدولاتِ مِن كُلِّ دائِها * فَنِعمَ الحُسامُ الطِبُّ وَالمُتَطَبِّبُ
٥ تَنامُ خُطوبُ المُلكِ إِن باتَ ساهِرًا * وَإِن هُوَ نامَ استَيقَظَت تَتَأَلَّبُ
٦ أَمِنّا اللَيالي أَن نُراعَ بِحادِثٍ * وَأَرمينيا ثَكلى وَحَورانَ أَشيَبُ
٧ وَمَملَكَةُ اليونانِ مَحلولَةُ العُرى * رَجاؤُكَ يُعطيها وَخَوفُكَ يُسلَبُ
٨ هَدَدتَ أَميرَ المُؤمِنينَ كَيانَها * بِأَسطَعَ مِثلِ الصُبحِ لا يَتَكَذَّبُ
٩ وَمازالَ فَجرًا سَيفُ عُثمانَ صادِقًا * يُساريهِ مِن عالي ذَكائِكَ كَوكَبُ
١٠ إِذا ما صَدَعتَ الحادِثاتِ بِحَدِّهِ * تَكَشَّفَ داجي الخَطبِ وَانجابَ غَيهَبُ
١١ وَهابَ العِدا فيهِ خِلافَتَكَ الَّتي * لَهُم مَأرَبٌ فيها وَلِلَّهِ مَأرَبُ
١٢ سَما بِكَ يا عَبدَ الحَميدِ أُبُوَّةٌ * ثَلاثونَ خُضّارُ الجَلالَةِ غُيَّبُ
١٣ قَياصِرُ أَحيانًا خَلائِفُ تارَةً * خَواقينُ طَورًا وَالفَخارُ المُقَلَّبُ
١٤ نُجومُ سُعودِ المَلكِ أَقمارُ زُهرِهِ * لَوَ اَنَّ النُجومَ الزُهرَ يَجمَعُها أَبُ
١٥ تَواصَوا بِهِ عَصرًا فَعَصرًا فَزادَهُ * مُعَمَّمُهُم مِن هَيبَةٍ وَالمُعَصَّبُ
١٦ هُمُ الشَمسُ لَم تَبرَح سَماواتِ عِزِّها * وَفينا ضُحاها وَالشُعاعُ المُحَبَّبُ
١٧ نَهَضتَ بِعَرشٍ يَنهَضُ الدَهرُ بِهِ * خُشوعًا وَتَخشاهُ اللَيالي وَتَرهَبُ
١٨ مَكينٍ عَلى مَتنِ الوُجودِ مُؤَيَّدٍ * بِشَمسِ استِواءٍ مالَها الدَهرَ مَغرِبُ
١٩ تَرَقَّت لَهُ الأَسواءُ حَتّى ارتَقَيتَهُ * فَقُمتَ بِها في بَعضِ ما تَتَنَكَّبُ
٢٠ فَكُنتَ كَعَينٍ ذاتِ جَريٍ كَمينَةٍ * تَفيضُ عَلى مَرِّ الزَمانِ وَتَعذُبُ
٢١ مُوَكَّلَةٍ بِالأَرضِ تَنسابُ في الثَرى * فَيَحيا وَتَجري في البِلادِ فَتُخضِبُ
٢٢ فَأَحيَيتَ مَيتًا دارِسَ الرَسمِ غابِرًا * كَأَنَّكَ فيما جِئتَ عيسى المُقَرَّبُ
٢٣ وَشِدتَ مَنارًا لِلخِلافَةِ في الوَرى * تُشَرِّقُ فيهِم شَمسُهُ وَتُغَرِّبُ
٢٤ سَهِرتَ وَنامَ المُسلِمونَ بِغَبطَةٍ * وَما يُزعِجُ النُوّامَ وَالساهِرُ الأَبُ
٢٥ فَنَبَّهَنا الفَتحُ الَّذي ما بِفَجرِهِ * وَلا بِكَ يا فَجرَ السَلامِ مُكَذِّبُ
٢٦ حُسامُكَ مِن سُقراطَ في الخَطبِ أَخطَبُ * وَعودُكَ مِن عودِ المَنابِرِ أَصلَبُ
٢٧ وَعَزمُكَ مِن هوميرَ أَمضى بَديهَةً * وَأَجلى بَيانًا في القُلوبِ وَأَعذَبُ
٢٨ وَإِن يَذكُروا إِسكَندَرًا وَفُتوحَهُ * فَعَهدُكَ بِالفَتحِ المُحَجَّلِ أَقرَبُ
٢٩ وَمُلكُكَ أَرقى بِالدَليلِ حُكومَةً * وَأَنفَذُ سَهمًا في الأُمورِ وَأَصوَبُ
٣٠ ظَهَرتَ أَميرَ المُؤمِنينَ عَلى العِدا * ظُهورًا يَسوءُ الحاسِدينَ وَيُتعِبُ
٣١ سَلِ العَصرَ وَالأَيّامَ وَالناسَ هَل نَبا * لِرَأيِكَ فيهِم أَو لِسَيفِكَ مَضرِبُ
٣٢ هُمُ مَلَئوا الدُنيا جَهامًا وَراءَهُ * جَهامٌ مِنَ الأَعوانِ أَهذى وَأَكذَبُ
٣٣ فَلَمّا استَلَلتَ السَيفَ أَخلَبَ بَرقُهُم * وَما كُنتَ يا بَرقَ المَنِيَّةِ تُخلِبُ
٣٤ أَخَذتَهُمُ لا مالِكينَ لِحَوضِهِم * مِنَ الذَودِ إِلّا ما أَطالوا وَأَسهَبوا
٣٥ وَلم يَتَكَلَّف قَومُكَ الأُسدُ أُهبَةً * وَلَكِنَّ خُلقًا في السِباعِ التَأَهُّبُ
٣٦ كَذا الناسُ بِالأَخلاقِ يَبقى صَلاحُهُم * وَيَذهَبُ عَنهُم أَمرُهُم حينَ تَذهَبُ
٣٧ وَمِن شَرَفِ الأَوطانِ أَلّا يَفوتَها * حُسامٌ مُعِزٌّ أَو يَراعٌ مُهَذَّبُ
٣٨ مَلَكتَ سَبيلَيهِم فَفي الشَرقِ مَضرِبٌ * لِجَيشِكَ مَمدودٌ وَفي الغَربِ مَضرِبُ
٣٩ ثَمانونَ أَلفًا أُسدُ غابٍ ضَراغِمٌ * لَها مِخلَبٌ فيهِم وَلِلمَوتِ مَخلِبُ
٤٠ إِذا حَلِمَت فَالشَرُّ وَسنانُ حالِمٌ * وَإِن غَضِبَت فَالشَرُّ يَقظانُ مُغضِبُ
٤١ فَيالِقُ أَفشى في البِلادِ مِنَ الضُحى * وَأَبعَدُ مِن شَمسِ النَهارِ وَأَقرَبُ
٤٢ وَتُصبِحُ تَلقاهُم وَتُمسي تَصُدُّهُم * وَتَظهَرُ في جِدِّ القِتالِ وَتَلعَبُ
٤٣ تَلوحُ لَهُم في كُلِّ أُفقٍ وَتَعتَلي * وَتَطلُعُ فيهِم مِن مَكانٍ وَتَغرُبُ
٤٤ وَتُقدِمُ إِقدامَ اللُيوثِ وَتَنثَني * وَتُدبِرُ عِلمًا بِالوَغى وَتُعَقِّبُ
٤٥ وَتَملِكُ أَطرافَ الشِعابِ وَتَلتَقي * وَتَأخُذُ عَفوًا كُلَّ عالٍ وَتَغصِبُ
٤٦ وَتَغشى أَبِيّاتِ المَعاقِلِ وَالذُرا * فَثَيِّبُهُنَّ البِكرُ وَالبِكرُ ثَيِّبُ
٤٧ يَقودُ سَراياها وَيَحمي لِواءَها * سَديدُ المَرائي في الحُروبِ مُجَرِّبُ
٤٨ يَجيءُ بِها حينًا وَيَرجِعُ مَرَّةً * كَما تَدفَعُ اللَجَّ البِحارُ وَتَجذِبُ
٤٩ وَيَرمي بِها كَالبَحرِ مِن كُلِّ جانِبٍ * فَكُلُّ خَميسٍ لُجَّةٌ تَتَضَرَّبُ
٥٠ وَيُنفِذُها مِن كُلِّ شِعبٍ فَتَلتَقي * كَما يَتَلاقى العارِضُ المُتَشَعِّبُ
٥١ وَيَجعَلُ ميقاتًا لَها تَنبَري لَهُ * كَما دارَ يَلقى عَقرَبَ السَيرِ عَقرَبُ
٥٢ فَظَلَّت عُيونُ الحَربِ حَيرى لِما تَرى * نَواظِرَ ما تَأتي اللُيوثُ وَتُغرِبُ
٥٣ تُبالِغُ بِالرامي وَتَزهو بِما رَمى * وَتُعجَبُ بِالقُوّادِ وَالجُندُ أَعجَبُ
٥٤ وَتُثني عَلى مُزجي الجُيوشِ بِيَلدِزٍ * وَمُلهِمِها فيما تَنالُ وَتَكسِبُ
٥٥ وَما المُلكُ إِلّا الجَيشُ شَأنًا وَمَظهَرًا * وَلا الجَيشُ إِلّا رَبُّهُ حينَ يُنسَبُ
٥٦ تُحَذِّرُني مِن قَومِها التُركِ زَينَبُ * وَتُعجِمُ في وَصفِ اللُيوثِ وَتُعرِبُ
٥٧ وَتُكثِرُ ذِكرَ الباسِلينَ وَتَنثَني * بِعِزٍّ عَلى عِزِّ الجَمالِ وَتُعجَبُ
٥٨ وَتَسحَبُ ذَيلَ الكِبرِياءِ وَهَكَذا * يَتيهُ وَيَختالُ القَوِيُّ المُغَلِّبُ
٥٩ وَزَينَبُ إِن تاهَت وَإِن هِيَ فاخَرَت * فَما قَومُها إِلّا العَشيرُ المُحَبَّبُ
٦٠ يُؤَلِّفُ إيلامُ الحَوادِثِ بَينَنا * وَيَجمَعُنا في اللَهِ دينٌ وَمَذهَبُ
٦١ نَما الوُدُّ حَتّى مَهَّدَ السُبلَ لِلهَوى * فَما في سَبيلِ الوَصلِ ما يُتَصَعَّبُ
٦٢ وَدانى الهَوى ما شاءَ بَيني وَبَينَها * فَلَم يَبقَ إِلّا الأَرضُ وَالأَرضُ تَقرُبُ
٦٣ رَكِبتُ إِلَيها البَحرَ وَهوَ مَصيدَةٌ * تُمَدُّ بِها سُفنُ الحَديدِ وَتُنصَبُ
٦٤ تَروحُ المَنايا الزُرقُ فيهِ وَتَغتَدي * وَما هِيَ إِلّا المَوجُ يَأتي وَيَذهَبُ
٦٥ وَتَبدو عَلَيهِ الفُلكُ شَتّى كَأَنَّها * بُؤوزٌ تُراعيها عَلى البُعدِ أَعقُبُ
٦٦ حَوامِلُ أَعلامِ القَياصِرِ حُضرٌ * عَلَيها سَلاطينُ البَرِيَّةِ غُيَّبُ
٦٧ تُجاري خُطاها الحادِثاتِ وَتَقتَفي * وَتَطفو حَوالَيها الخُطوبُ وَتَرسُبُ
٦٨ وَيوشِكُ يَجري الماءُ مِن تَحتِها دَمًا * إِذا جَمَعَت أَثقالَها تَتَرَقَّبُ
٦٩ فَقُلتُ أَأَشراطُ القِيامَةِ ما أَرى * أَمِ الحَربُ أَدنى مِن وَريدٍ وَأَقرَبُ
٧٠ أَمانًا أَمانًا لُجَّةَ الرومِ لِلوَرى * لَوَ اَنَّ أَمانًا عِندَ دَأماءَ يُطلَبُ
٧١ كَأَنّي بِأَحداثِ الزَمانِ مُلِمَّةً * وَقَد فاضَ مِنها حَوضُكِ المُتَضَرِّبُ
٧٢ فَأُزعِجَ مَغبوطٌ وَرُوِّعَ آمِنٌ * وَغالَ سَلامَ العالَمينَ التَعَصُّبُ
٧٣ فَقالَت أَطَلتَ الهَمَّ لِلخَلقِ مَلجَأٌ * أَبَرُّ بِهِم مِن كُلِّ بَرٍّ وَأَحدَبُ
٧٤ سَلامُ البَرايا في كَلاءَةِ فَرقَدٍ * بِيَلدِزَ لا يَغفو وَلا يَتَغَيَّبُ
٧٥ وَإِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ لَوابِلٌ * مِنَ الغَوثِ مُنهَلٌ عَلى الخَلقِ صَيِّبُ
٧٦ رَأى الفِتنَةَ الكُبرى فَوالى انهِمالَهُ * فَبادَت وَكانَت جَمرَةً تَتَلَهَّبُ
٧٧ فَما زِلتُ بِالأَهوالِ حَتّى اقتَحَمتُها * وَقَد تُركِبُ الحاجاتُ ما لَيسَ يُركَبُ
٧٨ أَخوضُ اللَيالي مِن عُبابٍ وَمِن دُجىً * إِلى أُفقٍ فيهِ الخَليفَةُ كَوكَبُ
٧٩ إِلى مُلكِ عُثمانَ الَّذي دونَ حَوضِهِ * بِناءُ العَوالي المُشمَخِرُّ المُطَنَّبُ
٨٠ فَلاحَ يُناغي النَجمَ صَرحٌ مُثَقَّبٌ * عَلى الماءِ قَد حاذاهُ صَرحٌ مُثقَبُ
٨١ بُروجٌ أَعارَتها المَنونُ عُيونَها * لَها في الجَواري نَظرَةٌ لا تُخَيَّبُ
٨٢ رَواسي ابتِداعٍ في رَواسي طَبيعَةٍ * تَكادُ ذُراها في السَحابِ تُغَيَّبُ
٨٣ فَقُمتُ أُجيلُ الطَرفَ حَيرانَ قائِلًا * أَهَذى ثُغورُ التُركِ أَم أَنا أَحسَبُ
٨٤ فَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مُشرِقٌ * وَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مَغرِبُ
٨٥ تَظَلُّ مَهولاتُ البَوارِجِ دونَهُ * حَوائِرَ ما يَدرينَ ماذا تُخَرِّبُ
٨٦ إِذا طاشَ بَينَ الماءِ وَالصَخرِ سَهمُها * أَتاها حَديدٌ ما يَطيشُ وَأَسرَبُ
٨٧ يُسَدِّدُهُ عِزريلُ في زِيِّ قاذِفٍ * وَأَيدي المَنايا وَالقَضاءُ المُدَرَّبُ
٨٨ قَذائِفُ تَخشى مُهجَةُ الشَمسِ كُلَّما * عَلَت مُصعِداتٍ أَنَّها لا تُصَوَّبُ
٨٩ إِذا صُبَّ حاميها عَلى السُفنِ انثَنَت * وَغانِمُها الناجي فَكَيفَ المُخَيَّبُ
٩٠ سَلِ الرومَ هَل فيهِنَّ لِلفُلكِ حيلَةٌ * وَهَل عاصِمٌ مِنهُنَّ إِلّا التَنَكُّبُ
٩١ تَذَبذَبَ أُسطولاهُمُ فَدَعَتهُما * إِلى الرُشدِ نارٌ ثَمَّ لا تَتَذَبذَبُ
٩٢ فَلا الشَرقُ في أُسطولِهِ مُتقى الحِمى * وَلا الغَربُ في أُسطولِهِ مُتَهَيَّبُ
٩٣ وَما راعَني إِلّا لِواءٌ مُخَضَّبٌ * هُنالِكَ يَحميهِ بَنانٌ مُخَضَّبُ
٩٤ فَقُلتُ مَنِ الحامي أَلَيثٌ غَضَنفَرٌ * مِنَ التُركِ ضارٍ أَم غَزالٌ مُرَبَّبُ
٩٥ أَمِ المَلِكُ الغازي المُجاهِدُ قَد بَدا * أَمِ النَجمُ في الآرامِ أَم أَنتِ زَينَبُ
٩٦ رَفَعتِ بَناتَ التُركِ قالَت وَهَل بِنا * بَناتِ الضَواري أَن نَصولَ تَعَجُّبُ
٩٧ إِذا ما الدِيارُ استَصرَخَت بَدَرَت لَها * كَرائِمُ مِنّا بِالقَنا تَتَنَقَّبُ
٩٨ تُقَرِّبُ رَبّاتُ البُعولِ بُعولَها * فَإِن لَم يَكُن بَعلٌ فَنَفسًا تُقَرِّبُ
٩٩ وَلاحَت بِآفاقِ العَدُوِّ سَرِيَّةٌ * فَوارِسُ تَبدو تارَةً وَتُحَجَّبُ
١٠٠ نَواهِضُ في حُزنٍ كَما تَنهَضُ القَطا * رَواكِضُ في سَهلٍ كَما انسابَ ثَعلَبُ
١٠١ قَليلونَ مِن بُعدٍ كَثيرونَ إِن دَنَوا * لَهُم سَكَنٌ آنًا وَآنًا تَهَيُّبُ
١٠٢ فَقالَت شَهِدتَ الحَربَ أَو أَنتَ موشِكٌ * فَصِفنا فَأَنتَ الباسِلُ المُتَأَدِّبُ
١٠٣ وَنادَت فَلَبّى الخَيلُ مِن كُلِّ جانِبٍ * وَلَبّى عَلَيها القَسوَرُ المُتَرَقِّبُ
١٠٤ خِفافًا إِلى الداعي سِراعًا كَأَنَّما * مِنَ الحَربِ داعٍ لِلصَلاةِ مُثَوِّبُ
١٠٥ مُنيفينَ مِن حَولِ اللِواءِ كَأَنَّهُم * لَهُ مَعقِلٌ فَوقَ المَعاقِلِ أَغلَبُ
١٠٦ وَما هِيَ إِلّا دَعوَةٌ وَإِجابَةٌ * أَنِ التَحَمَت وَالحَربُ بَكرٌ وَتَغلِبُ
١٠٧ فَأَبصَرتُ ما لَم تُبصِرا مِن مَشاهِدٍ * وَلا شَهِدَت يَومًا مَعَدٌّ وَيَعرُبُ
١٠٨ جِبالَ مَلونا لا تَخوري وَتَجزَعي * إِذا مالَ رَأسٌ أَو تَضَعضَعَ مَنكِبُ
١٠٩ فَما كُنتِ إِلّا السَيفَ وَالنارَ مَركَبًا * وَما كانَ يَستَعصي عَلى التُركِ مَركَبُ
١١٠ عَلَوا فَوقَ عَلياءِ العَدُوِّ وَدونَهُ * مَضيقٌ كَحَلقِ اللَيثِ أَو هُوَ أَصعَبُ
١١١ فَكانَ صِراطُ الحَشرِ ما ثَمَّ ريبَةٌ * وَكانوا فَريقَ اللَهِ ما ثَمَّ مُذنِبُ
١١٢ يَمُرّونَ مَرَّ البَرقِ تَحتَ دُجُنَّةٍ * دُخانًا بِهِ أَشباحُهُم تَتَجَلبَبُ
١١٣ حَثيثينَ مِن فَوقِ الجِبالِ وَتَحتِها * كَما انهارَ طَودٌ أَو كَما انهالَ مِذنَبُ
١١٤ تُمِدُّهُمُ قُذّافُهُم وَرُماتُهُم * بِنارٍ كَنيرانِ البَراكينِ تَدأَبُ
١١٥ تُذَرّى بِها شُمُّ الذُرا حينَ تَعتَلي * وَيَسفَحُ مِنها السَفحُ إِذ تَتَصَبَّبُ
١١٦ تُسَمَّرُ في رَأسِ القِلاعِ كُراتُها * وَيَسكُنُ أَعجازَ الحُصونِ المُذَنَّبُ
١١٧ فَلَمّا دَجى داجي العَوانِ وَأَطبَقَت * تَبَلَّجَ وَالنَصرَ الهِلالُ المُحَجَّبُ
١١٨ وَرُدَّت عَلى أَعقابِها الرومُ بَعدَما * تَناثَرَ مِنها الجَيشُ أَو كادَ يَذهَبُ
١١٩ جَناحَينِ في شِبهِ الشِباكَينِ مِن قَنا * وَقَلبًا عَلى حُرِّ الوَغى يَتَقَلَّبُ
١٢٠ عَلى قُلَلِ الأَجبالِ حَيرى جُموعُهُم * شَواخِصُ ما إِن تَهتَدي أَينَ تَذهَبُ
١٢١ إِذا صَعَدَت فَالسَيفُ أَبيَضُ خاطِفٌ * وَإِن نَزَلَت فَالنارُ حَمراءُ تَلهَبُ
١٢٢ تَطَوَّعَ أَسرًا مِنهُمُ ذَلِكَ الَّذي * تَطَوَّعَ حَربًا وَالزَمانُ تَقَلُّبُ
١٢٣ وَتَمَّ لَنا النَصرُ المُبينُ عَلى العِدا * وَفَتحُ المَعالي وَالنَهارُ المُذَهَّبُ
١٢٤ فَجِئتُ فَتاةَ التُركِ أَجزي دِفاعَها * عَنِ المُلكِ وَالأَوطانِ ما الحَقُّ يوجِبُ
١٢٥ فَقَبَّلتُ كَفًّا كانَ بِالسَيفِ ضارِبًا * وَقَبَّلتُ سَيفًا كانَ بِالكَفِّ يَضرِبُ
١٢٦ وَقُلتُ أَفي الدُنيا لِقَومِكِ غالِبٌ * وَفي مِثلِ هَذا الحِجرِ رُبّوا وَهُذِّبوا
١٢٧ رُوَيدًا بَني عُثمانَ في طَلَبِ العُلا * وَهَيهاتَ لَم يُستَبقَ شَيءٌ فَيُطلَبُ
١٢٨ أَفي كُلِّ آنٍ تَغرِسونَ وَنَجتَني * وَفي كُلِّ يَومٍ تَفتَحونَ وَنَكتُبُ
١٢٩ وَما زِلتُمُ يَسقيكُمُ النَصرُ حُمرَهُ * وَتَسقونَهُ وَالكُلُّ نَشوانَ مُصأَبُ
١٣٠ إِلى أَن أَحَلَّ السُكرَ مَن لا يُحِلُّهُ * وَمَدَّ بِساطَ الشُربِ مَن لَيسَ يَشرَبُ
١٣١ وَأَشمَطَ سَوّاسِ الفَوارِسِ أَشيَبُ * يَسيرُ بِهِ في الشَعبِ أَشمَطُ أَشيَبُ
١٣٢ رَفيقًا ذَهابٍ في الحُروبِ وَجيئَةٍ * قَدِ اصطَحَبا وَالحُرُّ لِلحُرِّ يَصحَبُ
١٣٣ إِذا شَهِداها جَدَّدا هِزَّةَ الصِبا * كَما يَتَصابى ذو ثَمانينَ يَطرُبُ
١٣٤ فَيَهتَزُّ هَذا كَالحُسامِ وَيَنثَني * وَيَنفُرُ هَذا كَالغَزالِ وَيَلعَبُ
١٣٥ تَوالى رَصاصُ المُطلِقينَ عَلَيهِما * يُخَضِّلُ مِن شَيبِهِما وَيُخَضِّبُ
١٣٦ فَقيلَ أَنِل أَقدامَكَ الأَرضَ إِنَّها * أَبَرُّ جَوادًا إِن فَعَلتَ وَأَنجَبُ
١٣٧ فَقالَ أَيَرضى واهِبُ النَصرِ أَنَّنا * نَموتُ كَمَوتِ الغانِياتِ وَنُعطَبُ
١٣٨ ذَروني وَشَأني وَالوَغى لا مُبالِيًا * إِلى المَوتِ أَمشي أَم إِلى المَوتِ أَركَبُ
١٣٩ أَيَحمِلُني عُمرًا وَيَحمي شَبيبَتي * وَأَخذُلُهُ في وَهنِهِ وَأُخَيِّبُ
١٤٠ إِذا نَحنُ مِتنا فَادفِنونا بِبُقعَةٍ * يَظَلُّ بِذِكرانا ثَراها يُطَيِّبُ
١٤١ وَلا تَعجَبوا أَن تَبسُلَ الخَيلُ إِنَّها * لَها مِثلُ ما لِلناسِ في المَوتِ مَشرَبُ
١٤٢ فَماتا أَمامَ اللَهِ مَوتَ بَسالَةٍ * كَأَنَّهُما فيهِ مِثالٌ مُنَصَّبُ
١٤٣ وَما شُهَداءُ الحَربِ إِلّا عِمادُها * وَإِن شَيَّدَ الأَحياءُ فيها وَطَنَّبوا
١٤٤ مِدادُ سِجِلِّ النَصرِ فيها دِماؤُهُم * وَبِالتِبرِ مِن غالي ثَراهُم يُتَرَّبُ
١٤٥ فَهَل مِن مَلونا مَوقِفٌ وَمَسامِعٌ * وَمِن جَبَلَيها مِنبَرٌ لي فَأَخطُبُ
١٤٦ فَأَسأَلُ حِصنَيها العَجيبَينِ في الوَرى * وَمَدخَلُها الأَعصى الَّذي هُوَ أَعجَبُ
١٤٧ وَأَستَشهِدُ الأَطوادَ شَمّاءَ وَالذُرا * بَواذِخَ تُلوي بِالنُجومِ وَتُجذَبُ
١٤٨ هَلِ البَأسُ إِلّا بَأسُهُم وَثَباتُهُم * أَوِ العَزمُ إِلّا عَزمُهُم وَالتَلَبُّبُ
١٤٩ أَوِ الدينُ إِلّا ما رَأَت مِن جِهادِهِم * أَوِ المُلكُ إِلّا ما أَعَزّوا وَهَيَّبوا
١٥٠ وَأَيُّ فَضاءٍ في الوَغى لَم يُضَيِّقوا * وَأَيُّ مَضيقٍ في الوَرى لَم يُرَحِّبوا
١٥١ وَهَل قَبلَهُم مَن عانَقَ النارَ راغِبًا * وَلَو أَنَّهُ عُبّادُها المُتَرَهِّبُ
١٥٢ وَهَل نالَ ما نالوا مِنَ الفَخرِ حاضِرٌ * وَهَل حُبِيَ الخالونَ مِنهُ الَّذي حُبوا
١٥٣ سَلامًا مَلونا وَاحتِفاظًا وَعِصمَةً * لِمَن باتَ في عالي الرِضى يَتَقَلَّبُ
١٥٤ وَضِنّي بِعَظمٍ في ثَراكِ مُعَظَّمٍ * يُقَرِبُهُ الرَحمَنُ فيما يُقَرِّبُ
١٥٥ وَطِرناوُ إِذ طارَ الذُهولُ بِجَيشِها * وَبِالشَعبِ فَوضى في المَذاهِبِ يَذهَبُ
١٥٦ عَشِيَّةَ ضاقَت أَرضُها وَسَماؤُها * وَضاقَ فَضاءٌ بَينَ ذاكَ مُرَحِّبُ
١٥٧ خَلَت مِن بَني الجَيشِ الحُصونُ وَأَقفَرَت * مَساكِنُ أَهليها وَعَمَّ التَخَرُّبُ
١٥٨ وَنادى مُنادٍ لِلهَزيمَةِ في المَلا * وَإِنَّ مُنادي التُركِ يَدنو وَيَقرُبُ
١٥٩ فَأَعرَضَ عَن قُوّادِهِ الجُندُ شارِدًا * وَعَلَّمَهُ قُوّادُهُ كَيفَ يَهرُبُ
١٦٠ وَطارَ الأَهالي نافِرينَ إِلى الفَلا * مِئينَ وَآلافًا تَهيمُ وَتَسرُبُ
١٦١ نَجَوا بِالنُفوسِ الذاهِلاتِ وَما نَجَوا * بِغَيرِ يَدٍ صِفرٍ وَأُخرى تُقَلِّبُ
١٦٢ وَطالَت يَدٌ لِلجَمعِ في الجَمعِ بِالخَنا * وَبِالسَلبِ لَم يَمدُد بِها فيهِ أَجنَبُ
١٦٣ يَسيرُ عَلى أَشلاءِ والِدِهِ الفَتى * وَيَنسى هُناكَ المُرضَعَ الأُمُّ وَالأَبُ
١٦٤ وَتَمضي السَرايا واطِئاتٍ بِخَيلِها * أَرامِلَ تَبكي أَو ثَواكِلَ تَندُبُ
١٦٥ فَمِن راجِلٍ تَهوي السِنونُ بِرِجلِهِ * وَمِن فارِسٍ تَمشي النِساءُ وَيَركَبُ
١٦٦ وَماضٍ بِمالٍ قَد مَضى عَنهُ وَألُهُ * وَمُزجٍ أَثاثًا بَينَ عَينَيهِ يُنهَبُ
١٦٧ يَكادونَ مِن ذُعرٍ تَفُرُّ دِيارُهُم * وَتَنجو الرَواسي لَو حَواهُنَّ مَشعَبُ
١٦٨ يَكادُ الثَرى مِن تَحتِهِم يَلِجُ الثَرى * وَيَقضِمُ بَعضُ الأَرضِ بَعضًا وَيُقضِبُ
١٦٩ تَكادُ خُطاهُم تَسبِقُ البَرقَ سُرعَةً * وَتَذهَبُ بِالأَبصارِ أَيّانَ تَذهَبُ
١٧٠ تَكادُ عَلى أَبصارِهِم تَقطَعُ المَدى * وَتَنفُذُ مَرماها البَعيدَ وَتَحجُبُ
١٧١ تَكادُ تَمُسُّ الأَرضَ مَسًّا نِعالُهُم * وَلَو وَجَدوا سُبلًا إِلى الجَوِّ نَكَّبوا
١٧٢ هَزيمَةُ مَن لا هازِمٌ يَستَحِثُّهُ * وَلا طارِدٌ يَدعو لِذاكَ وَيوجِبُ
١٧٣ قَعَدنا فَلَم يَعدَم فَتى الرومِ فَيلَقًا * مِنَ الرُعبِ يَغزوهُ وَآخَرَ يَسلُبُ
١٧٤ ظَفِرنا بِهِ وَجهًا فَظَنَّ تَعَقُّبًا * وَماذا يَزيدُ الظافِرينَ التَعَقُّبُ
١٧٥ فَوَلّى وَما وَلّى نِظامُ جُنودِهِ * وَيا شُؤمَ جَيشٍ لِلفَرارِ يُرَتِّبُ
١٧٦ يَسوقُ وَيَحدو لِلنَجاةِ كَتائِبًا * لَهُ مَوكِبٌ مِنها وَلِلعارِ مَوكِبُ
١٧٧ مُنَظَّمَةٌ مِن حَولِهِ بَيدَ أَنَّها * تَوَدُّ لَوِ انشَقَّ الثَرى فَتُغَيَّبُ
١٧٨ مُؤَزَّرَةٌ بِالرُعبِ مَلدوغَةٌ بِهِ * فَفي كُلِّ ثَوبٍ عَقرَبٌ مِنهُ تَلسِبُ
١٧٩ تَرى الخَيلَ مِن كُلِّ الجِهاتِ تَخَيُّلًا * فَيَأخُذُ مِنها وَهمُها وَالتَهَيُّبُ
١٨٠ فَمِن خَلفِها طَورًا وَحينًا أَمامَها * وَآوِنَةً مِن كُلِّ أَوبٍ تَأَلَّبُ
١٨١ فَوارِسُ في طولِ الجِبالِ وَعَرضِها * إِذا غابَ مِنهُم مِقنَبٌ لاحَ مِقنَبُ
١٨٢ فَمَهما تَهِم يَسنَح لَها ذو مُهَنَّدٍ * وَيَخرُج لَها مِن باطِنِ الأَرضِ مِحرَبُ
١٨٣ وَتَنزِل عَلَيها مِن سَماءِ خَيالِها * صَواعِقٌ فيهِنَّ الرَدى المُتَصَبِّبُ
١٨٤ رُؤىً إِن تَكُن حَقًّا يَكُن مِن وَرائِها * مَلائِكَةُ اللَهِ الَّذي لَيسَ يُغلَبُ
١٨٥ وَفِرسالُ إِذ باتوا وَبِتنا أَعادِيًا * عَلى السَهلِ لُدًّا يَرقُبونَ وَنَرقُبُ
١٨٦ وَقامَ فَتانا اللَيلَ يَحمي لِواءَهُ * وَقامَ فَتاهُم لَيلَهُ يَتَلَعَّبُ
١٨٧ تَوَسَّدَ هَذا قائِمَ السَيفِ يَتَّقي * وَهَذا عَلى أَحلامِهِ يَتَحَسَّبُ
١٨٨ وَهَل يَستَوي القِرنانُ هَذا مُنَعَّمٌ * غَريرٌ وَهَذا ذو تَجاريبَ قُلَّبُ
١٨٩ حَمَينا كِلانا أَرضَ فِرسالَ وَالسَما * فَكُلُّ سَبيلٍ بَينَ ذَلِكَ مَعطَبُ
١٩٠ وَرُحنا يَهُبُّ الشَرُّ فينا وَفيهِمُ * وَتَشمُلُ أَرواحُ القِتالِ وَتَجنُبُ
١٩١ كَأَنّا أُسودٌ رابِضاتٌ كَأَنَّهُم * قَطيعٌ بِأَقصى السَهلِ حَيرانَ مُذئِبُ
١٩٢ كَأَنَّ خِيامَ الجَيشِ في السَهلِ أَينَقُ * نَواشِزُ فَوضى في دُجى اللَيلِ شُزَّبُ
١٩٣ كَأَنَّ السَرايا ساكِناتٍ مَوائِجًا * قَطائِعُ تُعطى الأَمنَ طَورًا وَتُسلَبُ
١٩٤ كَأَنَّ القَنا دونَ الخِيامِ نَوازِلًا * جَداوِلُ يُجريها الظَلامُ وَيُسكَبُ
١٩٥ كَأَنَّ الدُجى بَحرٌ إِلى النَجمِ صاعِدٌ * كَأَنَّ السَرايا مَوجُهُ المُتَضَرِّبُ
١٩٦ كَأَنَّ المَنايا في ضَميرِ ظَلامِهِ * هُمومٌ بِها فاضَ الضَميرُ المُحَجَّبُ
١٩٧ كَأَنَّ صَهيلَ الخَيلِ ناعٍ مُبَشِّرٌ * تَراهُنَّ فيها ضُحَّكًا وَهيَ نُحَّبُ
١٩٨ كَأَنَّ وُجوهَ الخَيلِ غُرًّا وَسيمَةً * دَرارِيُّ لَيلٍ طُلَّعٌ فيهِ ثُقَّبُ
١٩٩ كَأَنَّ أُنوفَ الخَيلِ حَرّى مِنَ الوَغى * مَجامِرُ في الظَلماءِ تَهدا وَتَلهُبُ
٢٠٠ كَأَنَّ صُدورَ الخَيلِ غُدرٌ عَلى الدُجى * كَأَنَّ بَقايا النَضحِ فيهِنَّ طُحلُبُ
٢٠١ كَأَنَّ سَنى الأَبواقِ في اللَيلِ بَرقُهُ * كَأَنَّ صَداها الرَعدُ لِلبَرقِ يَصحَبُ
٢٠٢ كَأَنَّ نِداءَ الجَيشِ مِن كُلِّ جانِبٍ * دَوِيُّ رِياحٍ في الدُجى تَتَذَأَّبُ
٢٠٣ كَأَنَّ عُيونَ الجَيشِ مِن كُلِّ مَذهَبٍ * مِنَ السَهلِ جُنَّ جُوَّلٌ فيهِ جُوَّبُ
٢٠٤ كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ جُنودَنا * مَجوسٌ إِذا ما يَمَّموا النارَ قَرَّبوا
٢٠٥ كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ الرَدى قِرىً * كَأَنَّ وَراءَ النارِ حاتِمَ يَأدِبُ
٢٠٦ كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ بَني الوَغى * فَراشٌ لَهُ مَلمَسُ النارِ مَأرَبُ
٢٠٧ وَثَبنا يَضيقُ السَهلُ عَن وَثَباتِنا * وَتَقدُمُنا نارٌ إِلى الرومِ أَوثَبُ
٢٠٨ مَشَت في سَراياهُم فَحَلَّت نِظامَها * فَلَمّا مَشَينا أَدبَرَت لا تُعَقِّبُ
٢٠٩ رَأى السَهلُ مِنهُم ما رَأى الوَعرُ قَبلَهُ * فَيا قَومُ حَتّى السَهلُ في الحَربِ يَصعُبُ
٢١٠ وَحِصنٌ تَسامى مِن دُموقو كَأَنَّهُ * مُعَشِّشُ نَسرٍ أَو بِهَذا يُلَقَّبُ
٢١١ أَشُمُّ عَلى طَودٍ أَشَمَّ كِلاهُما * مَنونُ المُفاجي وَالحِمامُ المُرَحِّبُ
٢١٢ تَكادُ تَقادُ الغادِياتُ لِرَبِّهِ * فَيُزجي وَتَنزُمُّ الرِياحُ فَيَركَبُ
٢١٣ حَمَتهُ لُيوثٌ مِن حَديدٍ تَرَكَّزَت * عَلى عَجَلٍ وَاستَجمَعَت تَتَرَقَّبُ
٢١٤ تَثورُ وَتَستَأني وَتَنأى وَتَدَّني * وَتَغدو بِما تَغدي وَتَرمي وَتَنشُبُ
٢١٥ تَأبّى فَظَنَّ العالِمونَ استَحالَةً * وَأَعيا عَلى أَوهامِهِم فَتَرَيَّبوا
٢١٦ فَما في القِوى أَنَّ السَماواتِ تُرتَقى * بِجَيشٍ وَأَنَّ النَجمَ يُغشى فَيُغضِبُ
٢١٧ سَمَوتُم إِلَيهِ وَالقَنابِلُ دونَهُ * وَشُهبُ المَنايا وَالرَصاصُ المُصَوَّبُ
٢١٨ فَكُنتُم يَواقيتَ الحُروبِ كَرامَةً * عَلى النارِ أَو أَنتُم أَشَدُّ وَأَصلَبُ
٢١٩ صَعَدتُم وَما غَيرُ القَنا ثَمَّ مَصعَدٌ * وَلا سُلَّمٌ إِلّا الحَديدُ المُذَرَّبُ
٢٢٠ كَما ازدَحَمَت بَيزانُ جَوٍّ بِمَورِدٍ * أَوِ ارتَفَعَت تَلقى الفَريسَةَ أَعقَبُ
٢٢١ فَما زِلتُمُ حَتّى نَزَلتُم بُروجَهُ * وَلَم تَحتَضِر شَمسُ النَهارِ فَتَغرُبُ
٢٢٢ هُنالِكَ غالى في الأَماديحِ مَشرِقٌ * وَبالَغَ فيكُم آلَ عُثمانَ مَغرِبُ
٢٢٣ وَزَيدَ حَمى الإِسلامَ عِزًّا وَمَنعَةً * وَرُدَّ جِماحُ العَصرِ فَالعَصرُ هَيِّبُ
٢٢٤ رَفَعنا إِلى النَجمِ الرُؤوسِ بِنَصرِكُم * وَكُنّا بِحُكمِ الحادِثاتِ نُصَوِّبُ
٢٢٥ وَمَن كانَ مَنسوبًا إِلى دَولَةِ القَنا * فَلَيسَ إِلى شَيءٍ سِوى العِزِّ يُنسَبُ
٢٢٦ فَيا قَومُ أَينَ الجَيشُ فيما زَعَمتُمُ * وَأَينَ الجَواري وَالدِفاعُ المُرَكَّبُ
٢٢٧ وَأَينَ أَميرُ البَأسِ وَالعَزمِ وَالحِجى * وَأَينَ رَجاءٌ في الأَميرِ مُخَيَّبُ
٢٢٨ وَأَينَ تُخومٌ تَستَبيحونَ دَوسَها * وَأَينَ عِصاباتٌ لَكُم تَتَوَثَّبُ
٢٢٩ وَأَينَ الَّذي قالَت لَنا الصُحفُ عَنكُمُ * وَأَسنَدَ أَهلوها إِلَيكُم فَأَطنَبوا
٢٣٠ وَما قَد رَوى بَرقٌ مِنَ القَولِ كاذِبٌ * وَآخَرُ مِن فِعلِ المُحِبّينَ أَكذَبُ
٢٣١ وَما شِدتُمُ مِن دَولَةٍ عَرضُها الثَرى * يَدينُ لَها الجِنسانِ تُركٌ وَصَقلَبُ
٢٣٢ لَها عَلَمٌ فَوقَ الهِلالِ وَسُدَّةٌ * تُنَصُّ عَلى هامِ النُجومِ وَتُنصَبُ
٢٣٣ أَهَذا هُوَ الذَودُ الَّذي تَدَّعونَهُ * وَنَصرُ كَريدٍ وَالوَلا وَالتَحَبُّبُ
٢٣٤ أَهَذا الَّذي لِلمُلكِ وَالعِرضِ عِندَكُم * وَلِلجارِ إِن أَعيا عَلى الجارِ مَطلَبُ
٢٣٥ أَهَذا سِلاحُ الفَتحِ وَالنَصرِ وَالعُلا * أَهَذا مَطايا مَن إِلى المَجدِ يَركَبُ
٢٣٦ أَهَذا الَّذي لِلذِكرِ خُلَّبُ مَعشَرٌ * عَلى ذِكرِهِم يَأتي الزَمانُ وَيَذهَبُ
٢٣٧ أَسَأتُم وَكانَ السوءُ مِنكُم إِلَيكُمُ * إِلى خَيرِ جارٍ عِندَهُ الخَيرُ يُطلَبُ
٢٣٨ إِلى ذي انتِقامٍ لا يَنامُ غَريمُهُ * وَلَو أَنَّهُ شَخصُ المَنامِ المُحَجَّبُ
٢٣٩ شَقيتُم بِها مِن حيلَةٍ مُستَحيلَةٍ * وَأَينَ مِنَ المُحتالِ عَنقاءُ مُغرِبُ
٢٤٠ فَلَولا سُيوفُ التُركِ جَرَّبَ غَيرُكُم * وَلَكِن مِنَ الأَشياءِ ما لا يُجَرَّبُ
٢٤١ فَعَفوًا أَميرَ المُؤمِنينَ لِأُمَّةٍ * دَعَت قادِرًا مازالَ في العَفوِ يَرغَبُ
٢٤٢ ضَرَبتَ عَلى آمالِها وَمَآلِها * وَأَنتَ عَلى استِقلالِها اليَومَ تَضرِبُ
٢٤٣ إِذا خانَ عَبدُ السوءِ مَولاهُ مُعتَقًا * فَما يَفعَلُ الكَريمُ المُهَذَّبُ
٢٤٤ وَلا تَضرِبَن بِالرَأيِ مُنحَلَّ مُلكِهِم * فَما يَفعَلُ المَولى الكَريمُ المُهَذَّبُ
٢٤٥ لَقَد فَنِيَت أَرزاقُهُم وَرِجالُهُم * وَليسَ بِفانٍ طَيشُهُم وَالتَقَلُّبُ
٢٤٦ فَإِن يَجِدوا لِلنَفسِ بِالعَودِ راحَةً * فَقَد يَشتَهي المَوتَ المَريضُ المُعَذَّبُ
٢٤٧ وَإِن هَمَّ بِالعَفوِ الكَريمِ رَجاؤُهُم * فَمِن كَرَمِ الأَخلاقِ أَن لا يُخَيَّبوا
٢٤٨ فَما زِلتَ جارَ البِرِّ وَالسَيِّدَ الَّذي * إِلى فَضلِهِ مِن عَدلِهِ الجارُ يَهرُبُ
٢٤٩ يُلاقي بَعيدُ الأَهلِ عِندَكَ أَهلَهُ * وَيَمرَحُ في أَوطانِهِ المُتَغَرِّبُ
٢٥٠ أَمَولايَ غَنَّتكَ السُيوفُ فَأَطرَبَت * فَهَل لِيَراعي أَن يُغَنّي فَيُطرِبُ
٢٥١ فَعِندي كَما عِندَ الظُبا لَكَ نَغمَةٌ * وَمُختَلِفُ الأَنغامِ لِلأُنسِ أَجلَبُ
٢٥٢ أُعَرِّبُ ما تُنشي عُلاكَ وَإِنَّهُ * لَفي لُطفِهِ ما لا يَنالُ المُعَرِّبُ
٢٥٣ مَدَحتُكَ وَالدُنيا لِسانٌ وَأَهلُها * جَميعًا لِسانٌ يُملِيانِ وَأَكتُبُ
٢٥٤ أُناوِلُ مِن شِعرِ الخِلافَةِ رَبَّها * وَأَكسو القَوافي ما يَدومُ فَيُقشِبُ
٢٥٥ وَهَل أَنتَ إِلّا الشَمسُ في كُلِّ أُمَّةٍ * فَكُلُّ لِسانٍ في مَديحِكَ طَيِّبُ
٢٥٦ فَإِن لَم يَلِق شِعري لِبابِكَ مِدحَةً * فَمُر يَنفَتِح بابٌ مِنَ العُذرِ أَرحَبُ

بيانات القصيدة

ملحوظة

وصف الوقائع العثمانية اليونانية

الصفحات

١ - الأبيات (١-١١) في صفحة (٣٩)،
٢ - الأبيات (١٢-٢٥) في صفحة (٤٠)،
٣ - الأبيات (٢٦-٣٨) في صفحة (٤١)،
٤ -الأبيات (٣٩-٥٦) في صفحة (٤٢)،
٥ - الأبيات (٥٧-٧٣) في صفحة (٤٣)،
٦ - الأبيات (٧٤-٨٩) في صفحة (٤٤)،
٧ - الأبيات (٩٠-١٠٥) في صفحة (٤٥)،
٨ - الأبيات (١٠٦-١٢١) في صفحة (٤٦)،
٩ - الأبيات (١٢٢-١٣٩) في صفحة (٤٧)،
١٠ - الأبيات (١٤٠-١٥٧) في صفحة (٤٨)،
١١ - الأبيات (١٥٨-١٧٧) في صفحة (٤٩)،
١٢ - الأبيات (١٧٨-١٩١) في صفحة (٥٠)،
١٣ - الأبيات (١٩٢-٢٠٨) في صفحة (٥١)،
١٤ - الأبيات (٢٠٩-٢٢٥) في صفحة (٥٢)،
١٥ - الأبيات (٢٢٦-٢٤١) في صفحة (٥٣)،
١٦ - الأبيات (٢٤٢-٢٥٦) في صفحة (٥٤)،

الرابط المختصر